Saturday 2 February 2013

مقال : مرسي ضد مرسي !!!



أحمد الصاوي - مدير تحرير جريدة الشروق

شخص واحد يتآمر على الرئيس، ولا تذكره لائحة الاتهامات، ولا الإشارات الساخنة التى تصدر عن الرئاسة.


شخص واحد يتمنى الرئيس لو نجح فى إخراسه إلى الأبد.


شخص واحد يطارد الرئيس فى كل موقف وعند اتخاذ أى قرار، لا يكتفى بمعارضة المراسيم الرئاسية، لكنه يظهر الرئيس متناقضا، متحولا، متراجعا عن مبادئه من أجل السلطة، متماهيا ومتماشيا مع من كان قبله.


كان عمر بن الخطاب يجهر بكلمته المأثورة: «ليت أم عمر لم تلد عمرا»، كان يفعلها بقدر قاسٍ من حساب النفس، ويشفق عليها ما تحملت من أمانة ومسئولية، يتمنى لو لم يولد من الأساس، حتى لا يحاسب عن بغلة بغداد، وجوع امرأة فى المدينة، وقبطى اعتدى عليه ابن الأكرمين فى مصر.


والأرجح أن محمد مرسى يتمنى مع نفسه: «ليت أم محمد مرسى الرئيس.. لم تلد محمد مرسى النائب والقيادى الإخوانى»، ويلحقها بأمنية جديدة: «ليت الثلاثى جواد كريم وشاد هيرلى وستيف شين، لم يخترعوا يوتيوب».



الرجل لا يتمنى من منطق حساب النفس، لكنه يفعل بمنطق دفن الماضى، الذى صار يطارده فى كل لحظة فيفسد عليه لحظات الحكم التى يخوضها بأدواتها التى لم تتغير، يلعب ذات الألعاب التى كان يلعبها سلفه، ويتخذ ذات المواقف لا يخرج عن القضبان الأمريكية التى تسير عليها عربة الوطن منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضى.


هذا هو الشخص الذى يتمنى الرئيس لو نجح فى إخراسه إلى الأبد، محمد مرسى النائب، ومحمد مرسى القيادى الإخوانى، ومحمد مرسى المتظاهر فى الشارع، وما سجله موقع يوتيوب للرجل فى تلك الهيئات من صولات وجولات ومواقف وخطب رنانة، ومزايدات على نظام الحكم فى ذلك الوقت.


يحمل محمد مرسى على ظهره تاريخا ثقيلا صار عبئا عليه ولم يعد مناصرا له كما كان حتى لحظة انتخابه، محمد مرسى المرشح الرئاسى كان مستفيدا من فيديوهات يوتيوب التى تبرز مواقفه فى معارضة قرض صندوق النقد واعتباره ربا، والهجوم على اليهود والأهم باعتبارهم «أحفاد القردة والخنازير»، وسلخ الحكومة بعد حوادث القطارات والمطالبة بإقالتها، والإلحاح على مساءلة الدولة كلها على انهيار العقارات، والتظاهر لطرد السفير الأمريكى والإسرائيلى من القاهرة، والتعهد بتعديل الجمعية التأسيسية وعدم طرح الدستور للاستفتاء إلا وعليه توافق، ودعوة الناس للثورة ضده إذا خالف الدستور والقانون.


لكن محمد مرسى الرئيس لا يريد أن يتذكر هذه المواقف، ولا هذه الفيديوهات، فلم يعد هو ولا جماعته يفكرون فى طرد السفير الأمريكى والإسرائيلى من القاهرة، رغم أن سياسات الدولتين لم تتغير عن عهد مبارك، صارت فوائد القرض رسوما إدارية، وحوادث القطارات وانهيار العقارات قضاء وقدر وإهمال موروث عن السابقين، وصارت التصريحات ضد اليهود ودعوات المنابر عليهم «مجتزأة من السياق».


لا أحد ينغص على محمد مرسى أيام حكمه سوى محمد مرسى نفسه، ولا أحد من مصلحة الرئيس أن يخرسه ويخفيه سوى تاريخه نفسه الذى يناقض أفعاله وأقواله، ويكشف أن للسلطة ثمنا آخر.


فى قلب كل ليلة الأرجح أن محمد مرسى الرئيس يدعو مخلصا: «اللهم قنى شر محمد مرسى الآخر.. أما البرادعى وحمدين وأبوالفتوح وغيرهم من المعارضين والمتربصين، فلجان السباب والتشويه الإخوانية الإلكترونية كفيلة بهم».

No comments:

Post a Comment